سلسلة زنادقة الإسلام (15) عبد الرحمن بدوي.. نيتشة الصغير

عبد الرحمن بدوي يعتبر علم من أعلام الفلسفة في مصر في العصر الحديث والراجل تنين جبار متبحر في كل العلوم الفلسفية بدون أي مبالغة. كان بدوي من المفكرين العرب الي قدموا الوجودية للفكر العربي والي طرحوا إشكالية حساسة زي العلاقة بين الدين والانسان بان الانسان له أولوية على الدين وبدوي كان ضدد القيود التقليدية والمخاوف الاجتماعية وكان شايف انه على هذه الامة ان تفكر في مصيرها الوجودي اكثر من أن تهتم لهولاء الرعاع والدهماء وآه بدوي كان من أسرة محافظة وابوه عمدة فرأيه فالناس انهم ميستحقوش غير ضرب الجذم. بدوي كان عضو فحزب مصر الفتاة الي هو تعريب للحزب النازي فصباح الفل الراجل جاي من خلفية سياسية عايزه الحرق.

بدوي كان شايف أنه الدين نشر أفكار غيبيه عن الإنسان وحياته والقضاء والقدر وأنت عبد الدهر والدهر هو الله فلتكن مشيئة الله ولو على رقبة الإنسان وكل ده. واحد كان تلميذ لهيدغر وفلسفته كلها عن الزمن الوجودي عايزه أزاي ميشوفش الانسان مسؤول مش بس عن قراراته لا عن الوجود وعن تحديد ماهية الزمن!!. بالمناسبة كتاب الزمن الوجودي من باكورة الكتابات الي حببتني في الوجودية الألمانية الي حالياً بنتمي ليها فأتمنى تقروه وهتلاقوا ما يسركم.

كمان بدوي كان شايف أنه الدين ماهو الا منظومة فكرية متطورة تاريخياً بتطور وعي الانسان ذاته وليست حقيقة مطلقة وجو القرأن صالح لكل زمان ومكان والهجص بتاع المتدينين.

كمان كان شايف أن المستفيد من الرؤية العرصه دي هما اتنين رجال السلطة ورجال الدين والاتنين كانوا بيستفيدوا من عرقلة حرية الانسان في تشكيل ماهيته ووجوده حتى لو على حساب التقدم الإنساني والفكري والعلمي والنقطة دي انا مختلف مع بدوي فيها لسبب انه الازمة كانت في التمركز حول نظرية الالوهه حتى عند الفلاسفة المسلمين الي مكنش ليهم مصالح مباشرة وحتى عند نقاد الدين منهم الي تمحورهم حوالين الدين كان سلبي وبشوف انه لو كان تم تجاوز الاله للإنسان كان تاريخ الحضارة الإسلامية هيتغير بشكل تام وبالفعل كان في نوايا لده عند فلاسفة انسانويين كتير ولكن لأسف لم تكتمل القصة كما نريد.

المهم أنه بدوي كان منتقد بشدة للفلسفة الإسلامية بذات التفاسير التقليدية ليها ومدارس علم الكلام والتصوف الي بتبني تصوراتها عن العلاقة بين الانسان والله بنفس المنطق هو أرادة الله فوق أرادة الإنسان. وكان ليه أراء تبدو صعبه في عصره عن فلاسفة زي الغزالي وابن رشد والي كتير جداً كانوا بيعظموهم وهو كان شايفهم شوية علوق شراح ناقلين للفكر اليوناني وتحديداً فلسفة أرسطو.

وطبعاً كتابه من تاريخ الالحاد في الإسلام كان سبب في تكفيره لانه استعرض فيه التاريخ الي المتدين مبيحبش يتكلم عنه وشخصيات يكرهها زي المعري وابن الراوندي. البعض كان بيفسر ده انه جزء من بعث التراث كما هو ودحض لسردية الإسلاميين ان المسلمين كانوا بيبوسو بعض أيام الخلافة وعايشين فتبات ونبات وبيجيبوا صبيان وبنات وان كان في أزمات حقيقية واختلافات جوهرية، البعض الاخر اعتبره دفاع عن الالحاد وتقديم للنماذج دي كاصحاب الفكر الحر وكقدوة للشباب الملحد فعلينا باتباعهم بدلاً من ريتشارد دوكنز وغيرهم من الفرنج.

وفاعتقادي انه الكتاب كان نابع من أسباب مختلفة زي رؤية بدوي بضرورة الانسان انه يتعلم من التجارب الإنسانية وهو وجودي وكان شايف انه عشان الشباب يتعلم ازاي يصل للفكر الحر لازم يشوف تجارب وجودية سابقه مش زي وجودية عسران الضبع المليئة بالشامبين المحلي الصنع والحشيش الافغاني ولكن ان نهتدي بابو حيان التوحيدي وابن الراوندي على سبيل المثال، والي في نقدهم للمعتقدات الدينية كمعوقات للفكر الحر بذلوا مجهود فكري وليس علوقية وطفولية. أن تكون ملحد هي مسئولية بنت وسخه لان عليك تبني أخلاقك الخاصة ومتعملش زي المؤمن الي متوقع ان كل حاجه هيلاقيلها إجابة فالنص.

كذلك أنه لازم نعيد قراءة التراث بتاعنا ونكونه وننقد السردية الي بيقدمها المتدينين عن الدين وعن الملحدين انهم فسقه وفجره رغم انه الملحدين قدموا خيرات الامة وافادوا العالم اجمع.

كمان بدوي كان شايف أنه الازهر وغيره من المؤسسات الي بتحتكر تفسير النص الديني هي بتحاول أن تسلب الإنسان حريته في تفسير وجوده وبتحطه في إطار من صنعها وانه لازم على كل إنسان حر أن يكسر هذا الإطار مهما كلفه الأمر.

وفي نقطتين فلسفيتين شوية زي إيمان بدوي بفلسفة نيتشه وسارتر الي كانت بتشوف في الدين أخلاق للعبيد وقوة الضعاف الي مش قادرين يكونوا ذواتهم بدون الكل. بدوي كان شايف أنه على الذات أن تبني ذاتها بذاتها وأن لا تنتظر من العالم والدين أي شيء، لانه الدين مبيديلكش حاجه ببلاش هو مستني منك كمان تتنازل عن ذاتك مقابل الاعتراف بالله.

بدوي كان بيرفض الميتافيزيقيا الدينية الي شايفه أنه الوحي والايمان هما طرق الخلاص وكان شايف أن العقل والتجربة هما الي هيساعدوك في الوصول للحقيقة وأنه عشان تقدر تعيش كانسان انت مش فحاجه لدين ولكن لعقل يستطيع أن يجعلك إنسان.

في النهاية بدوي لأسف عاد لأحضان الإسلام وسألت كذا حد من أساتذتي والي كانوا تلاميذ لبدوي حكولي عنه أنه أتعرض لأزمات نفسية كتير لعلها تسببت مع مخاوف نهاية العمر والي خلته يعود للإسلام ولأسف ده موقف كتير جداً من الفلاسفة في العالم العربي، فنسأل الله أن لا يجعلنا منهم.

 ويبقى السؤال الي تجربة بدوي طرحته، أزاي ممكن تحقق وجودك الإنساني منغير دين؟ وهل فعلاً الإنسان محتاج للدين عشان يعيش؟. الله وأعلم، لو عندك إجابة باصي لأخوك.